تتناول الدراسة الحالية بالتحليل مدينة الزهراء من منظورين: تاريخي- أثري وتراثي. فمن ناحية ثمة تصور قائم حول المدينة بوصفها أعظم بناء عمراني للخلافة الأموية في الأندلس في سياق التنافس مع الخلافتين الغريمتين الاخريين العباسية والفاطمية اللتين بنتا أيضا حواضر كبيرة وجعلتا منها عواصم لولاياتهما. كما ويتم تحليل خصائص عملية التخطيط العمراني ومسيرة البناء في ضوء البحوث الأثرية وتوضح الأهداف السياسية التي تتجلى في مختلف التحولات العمرانية والمعمارية التي حدثت في القصر منذ تأسيسه. من ناحية أخرى ثمة توضيح لعملية استعادة مدينة الزهراء منذ بداية التنقيبات والتاكيد على أن الواقع المادي الذي نراه اليوم في الموقع الأثري فضلا عن المعرفة المتراكمة لدينا حول مدينة الخلافة انما يرجع الفضل فيه أساسا إلى البحوث الأثرية. كما نبين الكشوفات الاخيرة لمسيرة الاسترجاع هذه، خصوصا مع بناء متحف مدينة الزهراء، والمستقبل الذي ينتظر الموقع الأثري وذلك للاعتبارين التاليين: أولا، بسبب الحاجة لربط المتحف بالموقع، وثانيا لأنه على الرغم من كون مساحة 90٪ من الموقع لا تزال تنتظر التنقيب فلابد للبحث العلمي من أن يكون المحرك المركزي لمدينة الزهراء لأنه بدون ذلك سيتحجر الموقع ويغدو محض مركز سياحي.
قرطبة، كوردوبة، مدينة الزهراء.